وصايا جليلة من كل أب إلى ولده المُغْتَرِب

في تاريخ :  04 أبريل 2015

وصايا جليلة من كل أب إلى ولده المُغْتَرِب

تصحيح لغوي وتنسيق مقال أ/ إبراهيم باشا

نقلاً بتصرف عن دكتور / جلال بن عثمان كحيل

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ولدي حبيبي يا أعز الناس ،

أكتبها لك بمداد قلبي وأضع فيها عصارة تجربتي وخبرتي ، فأرجو أن تُلقي لها بالاً وتعطيها من وقتك لتقرأها ، ليس بعينك بل بقلبك وفكرك ومشاعرك ، فلن تجد أحرص من والديك عليك ، ولا أصدق وأنصح منهما لك ، فلا تتردد في قبول نصحهما وتوجيههما .

 

ولدي حبيبي يا أعز الناس ،

ثقتي بك غير محدودة ، وقناعتي بقدرتك على مواجهة التحديات كبيرة ، فلا تخيب أملي ورجائي فيك ،

كن كما عرفتك ، تخاف الله وتراقبه وتغار على محارمك ، وتذكر وعدك الذي وعدتني إياه بمراقبة الله وخوف الله فيَّ وفي أخواتك وأمك – وزوجتك وبناتك لا حقًا –

واعلم أنك ذاهب للفائدة والتعلم وتطوير ذاتك ، فلا تكن رحلتك هذه مهلكتك وملقية بك في الهاوية .

 

ولدي حبيبي يا أعز الناس ،

* لأول مرة تتغرب لوحدك وتنأى بكُلِّك عن والديْك وأهلك لتزور ديارًا لم تعرف منها إلا اسمها ، فأنت غريب فيها ،

وكما قال الأولون: ” الغريب أعمى وإن كان مبصرًا “

فعليك بتوخي الحذر والحيطة في كل شيء ولا تثق بأحد أبدًا ، وإن كان أقرب الناس إليك .

 

* الصلاة الصلاة الصلاة ؛ فهي عمود الدين ، وباب الإسلام ، والناهية عن الفحشاء والمنكر .

فعليك بالصلاة في أوقاتها وأدِّيها مع الجماعة في بيت الله – ما أمكن ذلك – أدِّها بحضور قلب وخشوع جوارح ، أدِّها بتفكر وتأمل وتدبر لما تقرأ فيها من آيات وذكر حكيم ،

أدعُ الله في سجودك بالثبات ، وأن يلهمك رشدك وسداد أمرك .

 

* كتاب الله الذي لا يضل من تمسك به ؛ كلام ربنا العزيز الحكيم الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)

فاجعل لك منه يوميًا نصيبًا مفروضًا ، تتجول فيه بين وعده ووعيده ، بين جميل قصصه ، وحكمة تنزيله ؛ فهو شفاء لما في الصدور ، وموعظة للمتقين ، نصيبك منه يوميًا ما بين 5 – 10 دقائق لا يقل عن ذلك .

 

* تقوى الله ومراقبته في السر والعلن ؛ فالله هو المطلع عليك في سرك وجهرك ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء

 

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت *** ولكن قل عليَّ رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أنَّ ما يخفى عليه يغيب

 

* إياك ومدخل الشيطان الرجيم في عبارة : ( أجرِّب لأتعرف ، وأنا واثق من نفسي )

فهو مدخل كبير وعظيم الخطر ، وآثاره وخيمة فالتجربة ستكون – ولا شك – لذيذة وجميلة ، ليس لأن المعصية كذلك ، بل لأن الشيطان يزينها ويجملها لتقع فيها ،

فإياك إياك وحبائل الشيطان ،

وكلما وسوس لك بذلك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، وقل: اخسأ عدو الله ، واعمل بعدها عملاً صالحًا يقربك إلى ربك ، كصلاة أو صدقة أو زيارة أخ لك في الله تتعرف عليه .

 

* إياك والوحدة ، فالوحدة مدخل خطير من مداخل الشيطان ، فسيظل يوسوس ويوسوس لك حتى تقع في المحظور ،

فاشغل نفسك دائمًا بالصحبة الصالحة ، وكن معهم مُعْظَم وقتك .

 

* ابتعد عن الفتن ومثيرات الشهوة في المواقع التي تزورها ، أو أي مكان تتردد عليه ، فالإنسان ضعيف ، وللشهوة غلبة ،

فلا تتعرض لجبروت الشهوة وقوتها ، ولا تتحداها بأن تدخل في اختبار ربما تخسر فيه الشيء الكثير .

 

* إذا وقعت في شيء من الذنب ، فلا تيئس من روح الله ، أو تفقد الثقة في نفسك ، بل اتبع الحسنة السيئة تمحها ، وقم مباشرة بعمل صالح ، واستعد ثقتك بنفسك وبقدرتك على المواجهة والتحدي ، فأنت بطل صنديد قوي شجاع ، قادر على المواجهة بإذن الله .

 

* اجعل لسانك رطبًا بذكر الله في كل وقت ، وعلى أي حال ؛ تسبيح وتحميدٌ وتكبيرٌ واستغفارٌ ، وصلاةٌ وسلامٌ على النبي الكريم ، فإن الشيطان لا يأتي لقلب مشغول بذكر الله .

 

أخيرًا وليس آخرًا :

* عليك بالدعاء ، فالدعاء سلاح نافذ قوي ، سيَّما في أوقات الإجابة ،

ادع لنفسك بالثبات والصبر والفوز والنجاح . فأنت في اختبار حقيقي لمواجهة الحياة ، ولا أظنك إلا ناجحًا متميزًا متفوقًا بكل المقاييس .

 

أستودعُ الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك ، أستودعك من لا تضيع عنده الوديعة ، أستودعك عند الحي القيوم ،

وأسأله أن يردك لنا سالمًا ، معافى في دينك وبدنك وعقلك وروحك .

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته

 

اترك تعليقاً