رسالةٌ مهمةٌ لكلِّ طالبةِ علمٍ
تصحيح لغوي ، وتنسيق مقال أ/ إبراهيم باشا
نقلًا بتصرف عن / حمد بن صالح المري
يقول : حمد بن صالح المري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الملك الحق المبين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فهذه رسالةٌ سريعة لكل طالبة علمٍ ، كتبتُها على عجالةٍ في نقاط مختصرة ، بعدما كثُرت الحالات الموجبة لهذه الرسالة .
فأقول وبالله التوفيق :
* أختي الكريمة : فضل طلبِ العلم معلوم ، ويكفي فيه ما جاء في الصحيح : ( مَن سلكَ طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة . )
قال أهل العلم : يشمل ذلك الطريق في الدنيا بتيسير الطاعات ، والآخرة في العَرَصَات .
وهذا يُوجِبُ عليك حَمْدَ اللهِ وشكرَه على هذه النعمة التي حُرِمَ منها كثير من نساء المسلمين ! والله المستعان .
* أختي الفاضلة : مع انغماسكِ في العلوم حفظًا وفهمًا وتحليلًا واستنباطًا قد يورِثُ ذلك نوعَ غِلظَةٍ في الطبع أو قسوةٍ في المعاملة أو شدَّةٍ في القرارِ _ إن صحّ التعبير ! .
وهذا أمرٌ مشاهدٌ في كثير من الطالبات ، ويتفاوت بحسب نفسيَّةِ الطالبة ، والمادَّةِ المدروسة .
وعلى هذا ، ينبغي لكِ أن تنتبهي لنفسِك في زوجِكِ وولدِك وبيتِك ، فإنكِ غالبًا لا تشعرين بنفسِك وأنتِ في خِضَمِّ الدِّراسة ، وأفنانِ العلم ، وأزهارِ المسائل ، ورياض العلماء !
فاللهَ اللهَ فيهم باللطفِ والحنان ، والتودّدِ وحسن البيان في الشكل والكلام ، فأنت بهذا تمثِّلين أهل العلم والصلاح .
* الأمر الثاني : كثرةُ المسائلِ مع كثرةِ المشاغل والمسئوليات على المرأة تزاحمُ في كثيرٍ من الأحيانِ أصول العلم ، وأعني بأصول العلم مقصدَه ولبَّه الذي من أجله نتعلَّم .
دعيني أوضِّح لك أكثر :
العلم طريقٌ إلى الخشية ، والتقرُّب إلى الله ، وكثرةِ الأعمالِ الصالحة ، فلا ينبغي لكِ أن تهملي وردَكِ اليومي من القرآن ، ولا الأذكار ، ولا النوافل ، ولا تربية الأولاد على الإيمان ؛ بحجَّة الاستزادةِ من العلم !
وقد أشار إلى هذا جمعٌ غفير من أهل العلم ، منهم النووي في مقدمة المجموع .
وكثير من طلبة العلم يسمعون قول الأئمة : ( العلم خير من صلاة النافلة … إلخ ) ، ويفهمونه على أنَّ العلمَ والعبادةَ ضدَّان لا يجتمعان !
وهذا غير صحيح ؛ فإن المقصود من كلامِهم عدمُ الانصرافِ بالكلية إلى العبادةِ دون تعلُّمٍ وتعليم .
ويكفي أن تنظرَ في حال الأئمة الذين قالوا : ( العلم خير من صلاة النافلة ) ! انظر لما ورد عن عبادتهم وذكرهم وتلاوتهم … إلخ .
فلا تفرِّطي في شيءٍ من ذلك ؛ فهو والله أكبرُ معين على العلم ، ومن أسبابِ البركة في الوقتِ والجسم والمال والوقت .
قال أحد السلف : كلما زاد حزبي من القرآن ، زادت البركة في وقتي ، ولا زلت أزيد حتى بلغ حزبي عشرة أجزاء .
* الأمر الثالث : طالبة العلم كغيرها معرَّضةٌ للحسدِ والعين على ما أنعمَ الله عليها من العلمِ ، ويسَّر لها من سبل الطاعة ،
فينبغي لها أن تتحصَّن بالأذكار الصباحية والمسائية ، ولا تترك بحالٍ أبدًا التهليلَ مئة مرَّةٍ في اليوم كما جاء في الأحاديث الصحيحة ؛ فهي حرزٌ من الشيطان .
* الأمر الرابع : قد تضطرُّ طالبة العلم في بعض الأحيانِ للتعامل مع الرجل بسؤالٍ ونحوه ،
فأوصي نفسي وإياها أن تتقي اللهَ وتجتنب كلَّ أسبابِ الطمع من خضوعٍ في لغة الكتابة ، أو استطرادٍ في خصوصيات ونحو ذلك جملةً وتفصيلاً ؛
فطلبة العلم بشرٌ ، واجتهاد الشيطان عليهم أكبر وأدق وأشد !
خصوصًا في هذا الزمن الذي قلَّ فيه طالبات العلم ،
ففي كثير من الأحيانِ يراود طالبَ العلم أمانيٌّ كثيرةٌ يتمناها في زوجته ، وتشتعل في عقلهِ عند مخاطبة طالبة العلم !
فانتبهي لهذا يرعاك الله !
والكلام على هذا يطول ، وفيه تفصيل كثير ، لا يتسع له المقام .
وما هذا إلا لعلوّ مرتبتهم عند ربِّهم ، وثقل وزنِهم في المجتمع ، وشدَّة وطأتهم على إبليس وجنوده .
واعلمي أختي الفاضلة : أنَّ المحرمات تُؤتى في الأصلِ من بوابةِ التوسُّع في المباحات ، والشيطان يتمكّن من بوابة الخطوات ،
وقد جاء في الصحيح : (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) ،
وأتركُكِ تتأملين قوله صلى الله عليه وسلم : ( وقع في الحرام )!
وفي الختام: هنيئًا لكِ بطلب العلم ، وهنيئًا لزوجِك بك ، وهنيئًا للأمَّة بكِ ،
فمن وفقه الله بطالبة علمٍ فليشكر نعمةَ الله عليه .
Related