المذهب السلفي والمذاهب الأربعة (فتاوى واستشارات موقع الإسلام اليوم ج3 ص130)

في تاريخ :  08 مارس 2015

كنت أتناقش مع شخص عن المذاهب، وقلت له إن المذهب السلفي: هو ما قال الله، وقال الرسول – عليه السلام – واتباع السلف الصالح، فقال لي: وهل المذهب المالكي غير ذلك؟ قلت له: من الممكن أن تعرض مسألة للإمام مالك ولا يتوفر له دليل فيفتي فيها باجتهاد، ويبلغنا دليل لم يبلغ الإمام مالكاً، قال لي: إن من العقل أن يكون بلغ الإمام مالك ولم يبلغك، فهو من مواليد القرون الفضلى، وقريب من زمن الرسول – صلى الله عليه وسلم – فهل كلامه صحيح؟ وأرجو أن تبين لي موقف المذهب السلفي من الأئمة الأربعة بين الغلو والإعراض عنهم.

الحمد لله وبعد: فإن المذهب السلفي ليس مذهباً خارجاً عن المذاهب الأربعة، بل هو منهج موافق لما عليه الأئمة الأربعة من اتباع الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح، بل الأئمة الأربعة هم من جملة السلف الذين يشملهم مصطلح (السلف) ، لأنهم من القرون المفضلة، وعلى هذا فالمذهب المالكي وغيره من المذاهب الأربعة لا تخالف منهج السلف في أصلها، فالإمام مالك – رحمه الله – من أجل أئمة السلف، ولكن قد يتخذ بعض أتباع المذاهب منهجاً مخالفاً لمنهج السلف، سواء في العقيدة أو في الفروع أو الأحكام والفقهيات، فمثلاً في الفروع قد يتعصب البعض لمذهبه، ويقلد ما يكون فيه من أحكام، حتى وإن كان الدليل على خلافه، فهنا ننتقد هذا التعصب ولا ننتقد المذهب جملة) . وأما قولك: إن الإمام مالكاً قد يفتي باجتهاده وقد لا يطلع على الدليل، فهذا الاحتمال وارد في شأن بقية الأئمة، بل لكل ذي علم حتى الصحابة – رضي الله عنهم – قد يخفى على الواحد منهم ما يعرفه غيره، كما خفي على عمر – رضي الله عنه – حديث الاستئذان وحديث الطاعون وغيرها فمن سواه أولى بذلك.

ولكن هذا لا يعني أن نتطاول على من سبقنا بحجة أننا اطلعنا على ما لم يطلعوا عليه، بل الواجب الأدب مع الأئمة، والتماس العذر لهم.

ثم إن مما ينبغي معرفته أنه لا يستدرك على أهل العلم، إلا من هو مثلهم من أهل العلم ممن يدركون بعلمهم وفقههم سبب عدول العالم عن الأخذ بحديث ما، هل هو لعدم اطلاعه عليه؟ أم لوجود ناسخ له عنده؟ أم لعدم ثبوته لديه؟ أم لوجود معارض أقوى منه؟ ونحو ذلك مما يطول بسطه، ويمكنك الرجوع إلى كتاب صغير نفيس لشيخ الإسلام عنوانه (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ذكر فيه جملة من الأسباب التي قد يرجع إليها خلاف أهل العلم، أو عدم أخذ بعضهم بدليل ما، والله أعلم.

فتاوى واستشارات موقع الإسلام اليوم ج3 ص

130

 


 

 

اترك تعليقاً