العلمانية جاهلية العصر .

في تاريخ :  15 ديسمبر 2015

العلمانية جاهلية العصر .

تصحيح لغوي ، وتنسيق مقال أ/ إبراهيم باشا .

يقول عابد النور سلمان :

يجد الناظر _نظرة فهم عميق واستنارة_ في الفلسفة (العقيدة) العلمانية ونظمها ونتائجها ، أنها عين فلسفة أبي جهل وقومه (العرب)،

والفرق أن عرب الجاهلية لم يستخدموا مصطلحات اليوم ، كالعلمانية ، والديمقراطية ، والرأسمالية والحريات..

ولإدراك هذه الحقيقة نسوق التالي:

قامت عقيدة الجاهلية وفلسفتها للوجود على الاعتراف بخلق الكون والحياة والإنسان ، أي بوجود خالق لها ، لكنها أنكرت حق الخالق في التشريع وأنكرت الآخرة ، فجعلت سلطة التشريع للإنسان فهو مَن يُشرِّع (يُحِلُّ ويحرِّم من دون الله)،

وهذا هو عين ومضمون عقيدة العلمانية التي تفصل الدين عن الحياة ، فهي تقر ضمنًا بوجود خالق تجعل له سلطة الخلق فقط ، وتجعل سلطة التشريع للبشر مع الله أو من دونه .

نظام الحكم لدى كفار قريش قام على هذه العقيدة ، وإسناد سلطة التشريع للإنسان ،أي نفس ماتقرره النظم الديمقراطية اليوم من سلطة التشريع للشعب .

وكان يمارس التشريع في الجاهلية طبقة الإشراف (رؤساء القبائل والأثرياء) فهم الحكام وهم المشرعون(دار الندوة)، وبقية الناس طبقة موالي وعبيد تابعين ،

تمامًا كما كان حال الديمقراطية زمن اليونانيين في أثينا ، وهذا عين النظام الديمقراطي اليوم، طبقة رأسمالية(برجوازية)هي من تمتلك الأحزاب وتمولها ، وهي من تحكم وتشرع بواسطة ممثليها في(البرلمان)، مع الفرق أن زعامات الجاهلية كانت تبرز بانتخاب طبيعي لا بانتخاب صناديق كما هو الحال في ظل ديمقراطية اليوم .

النظام الاقتصادي الجاهلي كان قائم على الربا وحريَّة الاقتصاد والتجارة ، وهذا هو عين النظام الاقتصادي الحر أو الرأسمالي العلماني اليوم .

أما النظام الاجتماعي الجاهلي ، فكان قائم على الحريات الشخصية في العلاقات الجنسية بين الرجال والنساء وفي اختيار ألوان الزواج ، وذلك عين ما تدعو له العلمانية اليوم تحت شعارات الحرية وحقوق الإنسان ، مع الفارق ، أنه لم يعطِ للمرأة عند الجاهليين حرية التملك والتصرف بنفسها .

وهذا الوضع الذي كانت عليه المرأة في الجاهلية كان هو السائد في أوروبا بعد نهضتها العلمانية حتى وقت قريب أقل من مائة عام .

قامت الفلسفة الوثنية ونظامها لدى عرب الجاهلية على تقديس أصنام من الحجر ، وتعظيم زعماء القبائل وأهل(دار الندوة) ويتقربون بذلك إلى الله زُلفى ،

وفي المقابل تقوم الفكرة العلمانية على تقديس الحكام وزعماء الأحزاب العلمانية، ورجال (البرلمان)، ولذلك يتمتع هؤلاء بالحصانة ، وتقديس الصور ونجوم الفن والسينماء .

وأما العبادات في العلمانية فهي المهرجانات و الاحتفالات و الرقص و الرياضات ، و معابدهم هي المراقص والملاهي ودور السينماء والملاعب .

وهكذا فالعلمانيون لم يقفزوا يومًا نَحْو التفكير العقلي مهما زعموا وتمسحوا بدعاوى العقل والعقلانية ، ولم يأتونا بجديد مختلف عمَّا كان لدي مشركي العرب ، غير أن الفكرة العلمانية أعادت إنتاج الجاهلية وفكرها الوثني بخيالاته وهرطقاته وظلمه وفساده ، ولكن في ثوب قشيب ، أي بصورة أكثر تنظيمًا وتعقيدًا من حيث الشكل والهياكل السياسية ؛ لإبهار الجهلة والسُّذَّج ،

مع أن المضمون والنتائج هو عين الفكر الوثني الجاهلي لدى مشركي العرب وأوروبا ،

ونفس النتائج الواقعية كتركيز الثروة والسلطة في يد طبقة برجوازية طفيلية نتنة ، وفرض الفقر على السواد الأغلب في المجتمع ، وشيوع البطالة والفساد والظلم .

وهكذا نجد الجاهلية والوثنية عبر التأريخ ملة واحدة مهما تلونت واتخذت من مظاهر ولباس خدَّاع .

( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم . الله ولي الذين أمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور الى الظلمات أولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) 

 

 

 

 

اترك تعليقاً