أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

في تاريخ :  21 ديسمبر 2015

أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ .

تصحيح لغوي ، وتنسيق مقال أ/ إبراهيم باشا .

لفضيلة الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان .

بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قال الله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

الله سبحانه وتعالى ذكر أن من صفات المؤمنين أنهم إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون.

هذا من صفات المؤمنين.

 

ومن صفاتهم أنهم تطمئن قلوبهم بذكر الله، توجل يعني تخاف من الله وأيضًا ترغب فيما عند الله وتطمئن، فهي تجمع بين الوجل والطمأنينة،

هذه صفات المؤمنين،

المؤمن يأنس بذكر الله، بالتسبيح والتهليل والتكبير، ذكر الله باللسان وتلاوة القرآن، وأيضًا يطمئن قلبه بذكر الله بالأعمال الصالحة، بالصلاة والصيام والحج وغير ذلك، فتنشرح صدورهم وتطمئن قلوبهم بذكر الله عز وجل، وتستوحش من الغفلة وعدم ذكر الله عز وجل، ولهذا قال سبحانه وتعالى ((اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ))،

الصلاة تبعد الإنسان عن الفحشاء وعن المنكر، وتقرِّبه من طاعة الله، وتحبِّبه إلى الله، وأيضًا تُطَمْئِنه، ويأنس بها،

ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزنه أمر فزع إلى الصلاة، وقال لبلال: “أقم الصلاة، أرحنا بها”، فيستريح إذا دخل في الصلاة يستريح من هموم الدنيا ومن المكدرات ؛ لأنه يناجي ربه ويتلوا كتابه فينشرح صدره وتطمئن نفسه، وهكذا المؤمنون مع الصلاة،

ولهذا قال جل وعلا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))،

فالمؤمن يعيش مع ذكر الله ويطمئن وينشرح صدره ويأنس بذكر الله عز وجل بأنواع الذكر القولية والفعلية والقلبية أيضًا،

فذكر الله حياة القلوب، دائمًا وأبدًا،

ولهذا يجد الإنسان من نفسه أنه إذا ذكر الله، إذا قال: لا إله إلا الله يجد راحة ويجد لذة ويجد انشراح صدر، هذا شيء يجده الإنسان المسلم، شيء واضح، حينما يتلو القرآن يتلذذ به ويأنس به ويألفه ؛ لأنه يطرد الشيطان، لأن ذكر الله يطرد عنه الشيطان،

وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الذي يذكر والذي لا يذكر الله قال: “مثل الحي والميت”، الذي يذكر الله مثل الحي والذي لا يذكر الله مثل الميت، ي

نبغي للمسلم أن يكثر من ذكر الله عز وجل بالقول وبالفعل وبالقلب وبالتفكر ، وبذلك يعيش في حياته مطمئنًا.

 

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: أنه جاء إلى شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية يريد أن يكلمه في شيء أو يأخذ عنه العلم فوجده جالسًا يذكر الله، فهاب أن يكلمه حتى فرغ من ذكر الله ، ثم أقبل عليه وقال: مِن كَم أنت هنا؟ قال: من كذا وكذا وأنا أنتظر، فقال الشيخ رحمه الله: هذا غدائي لو لم أتغدى ما قويت على العمل في ذلك اليوم،

فوِرْدُه رحمه الله هو غدائه الذي يقوِّيه على مواجهة الأعمال في يومه،

فهكذا المسلم.

 

ولهذا يقول: ما سمعتم إن لله جنة في الدنيا مَن لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، يعني ذكر الله سبحانه وتعالى، فهو جنة في الدنيا ؛ لأنه يريح المسلم ، ويُطَمْئِنه ، ويشرح صدره ويذهب عنه الهموم ، ويطرد عنه الشياطين،

فهو جنة، يتلذذ بها أكثر مما يتلذذ بالطعام والشراب والمشتهيات،

ولهذا تجد الإنسان إذا لم يورد في أول النهار وفي أول الصباح وفي أول المساء تجده منقبضًا ومستوحشًا، فإذا لازم الورد والذكر في أول الصباح وفي أول المساء تجده مطمئنًا ومنشرح الصدر،

ولذلك ذكر الله يلازم المسلم دائمًا وأبدًا في الصباح وفي المساء وعند النوم وعند الانتباه أثناء الليل وأثناء النوم وعند اليقظة،

ودائمًا ذكر الله على قلب المسلم وعلى لسانه، ولا يستغني عنه أبدًا،

بخلاف المنافق والكافر والمشرك والفساق فهؤلاء لذتهم بالأغاني والمزامير والمسرحيات والتمثيليات والمضحكات، ولا يألفون ذكر الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال عن المنافقين: ((وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلًا)) ،

فهؤلاء لا يأنسون بذكر الله، إنما يأنسون بذكر الشيطان،

نسأل الله العافية.

 

فذكر الله يربط العبد بربه كما في الحديث القدسي أن الله سبحانه يقول: (وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرَنِي، فإِنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي في مَلإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ،) يعني الملائكة،

والله جل وعلا قال: ((فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ)) ،

فكيف يستغني العبد عن ذكر الله الذي يقربه إلى الله ويمنحه أن الله يذكره ويثني عليه في الملأ الأعلى،

هذه فوائد عظيمة لذكر الله عز وجل.

 

قد شبه النبي صلى الله عليه وسلم العبد مع ذكر الله بالذي خرج العدو في طلبه مسرعين يريدون قتله فأوى إلى حصن حصين فنجا منهم، قال: (وكذلك ذكر الله عز وجل هو حصن المسلم) ، الذي يتحصن به من أعدائه من شياطين الإنس والجن،

فينبغي للمسلم أن يلازم ذكر الله بلسانه وبقلبه وبأفعاله.

 

والصلاة ذكر لله عز وجل، ولهذا فرضها الله في اليوم والليلة خمس مرات لحاجة العباد إليها، وأنها أعظم الذكر، وتجمع من الأذكار ما لا يجتمع في غيرها، ولهذا قال: ((وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)) ،

والصلاة فيها فائدتان،

* الفائدة الأولى: أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر،

* الفائدة العظمى: ذكر الله ((وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)) .

نسأل الله عز وجل أن يلهمنا وإياكم ذكره وشكره .

وصلِّ الله وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

 

 

 

اترك تعليقاً